السبت، نوفمبر 07، 2015

جمال الدين الصرصرى

قصيدة / أنا العبدُ
للشيخ / جمال الدين الصرصري


أنا العبد الذي كسب الذنوبا *** وصدته الأماني أن يتوبا

أنا العبد الذي أضحى حزينا *** على زلاته قلٍقا كئيبا

أنا العبد الذي سُطرت عليه *** صحائف لم يخٌف فيها الرقيبا

أنا العبد المُسئ عصيت سرا *** فما لي الآن لا أُبدي النحيبا

أنا العبد المُفرط ضاع عمري *** فلم أرع الشبيبة والمشيبا

أنا العبد الغريق بلُج بحر *** أصيح لربما ألقى مجيبا

أنا العبد السقيم من الخطايا *** وقد أقبلت التمس الطبيبا

أنا العبد المخلٌف عن أناس *** حووا من كل معروف نصيبا

أنا العبد الشريد ظلمت نفسي *** وقد وافيت بابكم منيبا

أنا العبد الفقير مددت كفي *** إليكم فادفعوا عني الخطوبا

أنا الغدار كم عاهدت عهدا *** وكنت على الوفاء به كذوبا

أنا المقطوع فارحمني وصلني *** ويسر منك لي فرجا قريبا

أنا المهجور هل لي من شفيعٍ *** يكلم في الوصال لي الحبيبا

أنا المضطر أرجو منك عفوا *** ومن يرجو رضاك فلن يخيبا

فوا أسفي على عمر تقضى *** ولم أكسب به إلا الذنوبا

وأحذر أن يعاجلني ممات *** يحير لهول مصرعه اللبيبا

وياحزناه من حشري ونشري *** بيوم يجعل الولدان شيبا

تفطرت السماء به ومارت *** أصبحت الجبال به كثيبا

إذا ما قمت حيرانا ظميئا *** حسير الطرف عريانا سليبا

وياخجلاه من قبح اكتسابي *** إذا ما أبدت الصحف العيوبا

وذٍلة موقف وحساب عدل *** أكون به على نفسي حسيبا

ويا حذراه من نار تلظى *** إذا زفرت فأقلقت القلوبا

تكاد إذا بدت تنشق غيظا *** على من كان معتديا مريبا

فيا من مد في كسب الخطايا *** خطاه أما آن لك أن تتوبا

ألا فاقلع وتب واجهد فإنا *** رأينا كل مجتهد مصيبا

وأقبل صادقا في العزم واقصد *** جنابا للمنيب له رحيبا

وكن للصالحين أخا وخلا *** وكن في هذه الدنيا غريبا

وكن عن كل فاحشة جبانا *** وكن في الخير مقداما نجيبا

ولاحظ زينة الدنيا ببغضٍ *** تكن عبداً إلى المولى حبيبا

فمن يخبر زخارفها يجدها *** مخادعةً لطالبها حلوبا

وغض عن المحارم منك طرفاً *** طموحاً يفتن الرجل الأريبا

فخائنة العين كأسد غابٍ *** إذا ما أهملت وثبت وثوبا

ومن يغضض فضول الطرف عنها *** يجد في قلبه روحاً وطيبا

ولا تطلق لسانك في كلامٍ *** يجر عليك أحقاداً وحوبا

ولا يبرح لسانك كل وقتٍ *** بذكر الله ريّاناً رطيبا

وصل إذا الدجى أرخى سدولاً *** ولا تكن للظّلام به هيوبا

تجد أجرأ إذا أدخلت قبراً *** فقدت به المعاشر والنسيبا
وصم مهما استطعت تجده رياً *** إذا ما قمت ظمآناً سغيبا
وكن متصدقاً سراُ وجهراً *** ولا تبخل وكن سمحاً وهوبا
تجد ما قدمته يداك ظلاً *** عليك إذا اشتكى الناس الكروبا
وكن حسن الخلائق ذا حياءٍ *** طليق الوجه لا شكساً قطوبا
فيا مولاي جد بالعفو وارحم *** عُبيداً لم يزل يشكي الذنوبا
وسامح هفوتي وأجب دعائي *** فإنك لم تزل أبداً مجيبا
وشفِّع فيّ خير الخلق طراً *** نبياً لم يزل أبداً حبيبا
هو الهادي المشفّع في البرايا *** وكان لهم رحيماً مستجيبا
عليه من المهمين كل وقتٍ *** صلاة تملأ الأكوان طيبا

- See more at: http://www.hrdiscussion.com/hr18686.html#sthash.NCcBMKBC.dpuf

ليست هناك تعليقات: