الخميس، يناير 28، 2016

أمثولة الكهف

 

بقلم: أفلاطونالكهف

سقراط: تخيل رجالا قبعوا في مسكن تحت الأرض على شكل كهف، تطل فتحته على النور، ويليها ممر يوصل إلى الكهف. هناك ظل هؤلاء الناس منذ نعومة أظفارهم، وقد قيدت أرجلهم وأعناقهم بأغلال، بحيث لا يستطيعون التحرك من أماكنهم، و لا رؤية أي شيء سوى ما يقع أمام أنظارهم، إذ تعوقهم الأغلال عن التلفت حولهم برؤوسهم. و من ورائهم تضيء نار اشتعلت عن بعد في موضع عال، وبين النار والسجناء طريق مرتفع. ولتتخيل على طول هذا الطريق جدارا صغيرا، مشابها لتلك الحواجز التي نجدها في مسرج العرائس المتحركة، و التي تخفي اللاعبين وهم يعرضون ألعابهم.
غلوكون: إني لأتخيل ذلك.
سقراط: ولتتصور الآن، على طول الجدار الصغير، رجالا يحملون شتى أنوا ع الأدوات الصناعية، التي تعلو على الجدار. وتشمل أشكالا للناس والحيوانات وغيرها، صنعت من الحجر أو الخشب أو غيرها من المواد. و طبيعي أن يكون بين جملة هذه الأشكال من يتكلم ومن لا يقول شيئا.
غلوكون: إنها حقا لصورة عجيبة، تصف نوعا غريبا من السجناء.
سقراط: إنهم ليشبهوننا. ذلك أولا لأن السجناء في موقعهم هذا لا يرون من أنفسهم ومن جيرانهم شيئا غير الظلال التي تلقيها النار على الجدار المواجه لهم من الكهف، أليس كذلك ؟
غلوكون: وكيف يكون الأمر على خلاف ذلك ما داموا عاجزين طوال حياتهم عن تحريك رؤوسهم ؟
سقراط: كذلك فإنهم لا يرون من الأشياء التي تمر أمامهم إلا القليل.
غلوكون: بلا جدال.
سقراط: وعلى ذلك، فإذا أمكنهم أن يتخاطبوا، ألا تظنهم يعتقدون أن كلماتهم لا تشير إلا إلى ما يرونه من الظلال ؟
غلوكون: هذا ضروري.
سقراط: و إن كان هناك أيضا صدى يتردد من الجدار المواجه لهم، فهلا يظنون، كلما تكلم أحد الذين يمرون من ورائهم، أن الصوت آت من الظل البادي أمامهم ؟
غلوكون: بلا شك.
سقراط: فهؤلاء السجناء إذن لا يعرفون من الحقيقة في كل شيء إلا الأشياء المصنوعة.
غلوكون: لا مفر من ذلك.
سقراط: فلتتأمل الآن ما الذي سيحدث بالطبيعة إذا رفعنا عنهم قيودهم و شفيناهم من جهلهم. فلنفرض أننا أطلقنا سراح واحد من هؤلاء السجناء، وأرغمناه على أن ينهض فجأة، ويدير رأسه، ويسير رافعا عينيه نحو النور.

عندئذ تكون كل حركة من هذه الحركات مؤلمة له، وسوف ينبهر إلى حد يعجز معه عن رؤية الأشياء التي كان يرى ظلا لها من قبل. فما الذي تظنه سيقول، إذا أنبأه أحد بأن ما كان يراه من قبل وهم باطل، وأن رؤيته الآن أدق، لأنه أقرب إلى الحقيقة، ومتجه صوب أشياء أكثر حقيقة ؟ ولنفرض أيضا أننا أريناه مختلف الأشياء التي تمر أمامه، ودفعناه تحت إلحاح أسئلتنا إلى أن يذكر لنا ما هي. ألا تظنه سيشعر بالحيرة، ويعتقد أن الأشياء التي كان يراها من قبل أقرب إلى الحقيقة من تلك التي نريها له الآن ؟
غلوكون: إنها ستبدو أقرب كثيرا إلى الحقيقة.
سقراط: وإذا أرغمناه على أن ينظر إلى نفس الضوء المنبعث عن النار، ألا تظن أن عينيه ستؤلمانه، وأنه سيحاول الهرب و العودة إلى الأشياء التي يمكنه رؤيتها بسهولة. والتي يظن أنها أوضح بالفعل من تلك التي نريه إياها الآن ؟
غلوكون: أعتقد ذلك.
سقراط: و إذا ما اقتدناه رغما عنه و مضينا به في الطريق الصاعد الوعر، فلا نتركه حتى يواجه ضوء الشمس، ألا تظنه سيتألم و سيثور لأنه اقتيد على هذا النحو، بحيث أنه حالما يصل إلى النور تنبهر عيناه من وهجه إلى حد لا يستطيع معه أن يرى أي شيء مما تسميه الآن أشياء حقيقية ؟
غلوكون: إنه لن يستطيع ذلك، على الأقل في بداية الأمر.
فاستطردت قائلا: إنه يحتاج، في الواقع، إلى التعود تدريجيا قبل أن يرى الأشياء في ذلك العالم الأعلى. ففي البداية يكون أسهل الأمور أن يرى الظلال، ثم صور الناس و بقية الأشياء منعكسة على صفحة الماء، ثم الأشياء ذاتها. وبعد ذلك يستطيع أن يرفع عينيه إلى نور النجوم و القمر، فيكون تأمل الأجرام السماوية وقبة السماء ذاتها في الليل أيسر له من تأمل الشمس و وهجها في النهار.
غلوكون: بلا شك.
سقراط: وآخر ما يستطيع أن يتطلع إليه هو الشمس، لا منعكسة على صفحة الماء، أو على جسم آخر، بل كما هي ذاتها، وفي موضعها الخاص.
غلوكون: هذا ضروري.
سقراط: وبعد ذلك، سيبدأ في استنتاج أن الشمس هي أصل الفصول والسنين، وأنها تتحكم في كل ما في العالم المنظور، وأنها، بمعنى ما، علة كل ما كان يراه هو ورفاقه في الكهف.
غلوكون: الواقع أن هذا ما سينتهي إليه بعد كل هذه التجارب.
سقراط: فإذا ما عاد بذاكرته بعد ذلك إلى مسكنه القديم، وما كان فيه من حكمة، وإلى رفاقه السجناء، ألا تظنه سيغتبط لذلك التغير الذي طرأ عليه، و يرثي لحالهم ؟
غلوكون: بكل تأكيد.
سقراط: فإذا ما كانت لديهم عادة إضفاء مظاهر الشرف و التكرم على بعضهم البعض، و منح جوائز لصاحب أقوى عينين ترى الظلال العابرة، و أقوى ذاكرة تستعيد الترتيب الذي تتعاقب به أو تقترن في ظهورها، بحيث يكون تبعا لذلك أقدرهم على أن يستنتج أيها القادم، أتظن أن صاحبنا هذا تتملكه رغبة في هذه الجوائز، أو أنه سيحسد من اكتملت لهم ألقاب الشرف و مظاهر القوة بين أولئك السجناء ؟ ألن يشعر بما شعر به أخيل عند هوميروس، من أنه يّفضل ألف مرة أن يكون على الأرض مجرد خادم أجير عند فلاج فقير و أن يتحمل كل الشرور الممكنة، و لا يعود إلى أوهامه القديمة أو العيش كما كان يعيش من قبل ؟
غلوكون: إني أوافقك على رأيك هذا، فخير له أن يتحمل أي شيء من أن يعود إلى تلك الحياة.
سقراط: فلتتصور أيضا ماذا يحدث لو عاد صاحبنا واحتل مكانه القديم في الكهف، ألن تنطفئ عيناه من الظلمة حين يعود فجأة من الشمس.
غلوكون: بالتأكيد.
سقراط: فإذا كان عليه أن يحكم على هذه الظلال من جديد، و أن ينافس السجناء الذين لم يتحرروا من أغلالهم قط، في الوقت الذي تكون عيناه فيه مازالت معتمة زائغة، وقبل أن تعتاد الظلمة، وهو أمر يحتاج إلى بعض الوقت، ألن يسخروا منه، و يقولوا إنه لم يصعد إلى أعلى إلا لكي يفسد أبصاره، وإن الصعود أمر لا يستحق منا عناء التفكير فيه ؟ فإذا ما حاول أحد أن يحررهم من أغلالهم. ويقودهم إلى أعلى، واستطاعوا أن يضعوا أيديهم عليه، ألن يجهروا عليه بالفعل ؟
غلوكون: أجل بالتأكيد.

والآن، فعلينا، يا عزيزي غلوكون، أن نطبق جميع تفاصيل هذه الصورة على تحليلنا السابق. فالسجن يقابل العالم المنظور، ووهج النار الذي كان ينير السجن يناظر ضوء الشمس، أما رحلة الصعود لرؤية الأشياء في العالم الأعلى فتمثل صعود النفس إلى العالم المعقول. فإذا تصورت هذا فلن تخطى فهم فكرتي، مادام هذا ما تريد أن تعرفه. ولست أدري إن كانت فكرتي هذه صحيحة أم لا، ولكن هذا ما يبدو لي على أية حال، فاخرما يدرك في العالم المعقول بعد عناء شديد هو مثال الخير، ولكن المرء ما أن يدركه، حتى يستنتج حتما انه علة كل ما هو خير وجميل في الأشياء جميعا، وأنه في العالم المنظور هو خالق النور وموزعه، وفي العالم المعقول هو مصدر الحقيقة و العقل. فبدون تأمل هذا المثال لا يستطيع أحد أن يسلك بحكمة، لا في حياته الخاصة ولا في شؤون الدولة.

الأحد، يناير 17، 2016

صالح بن عبد القدوس

صالح بن عبد القدوس :
________________صالح بن عبد القدوس

صالح بن عبدالقدوس من الشعراء الذين قتلهم شعرهم بسبب الزندقة وقيل بسبب تعديه على جناب الرسول الكريم عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار صلاة وسلام
فقد ذكر ابن المعتز في كتابه طبقات الشعراء قال :
أخذ صالح بن عبد القدوس في الزندقة فأدخل على المهدي فلما خاطبه أعجب به لغزارة أدبه وعلمه وبراعته وبما رأى من فصاحته وحسن بيانه وكثرة حكمته فأمر بتخلية سبيله فلما ولّى رده وقال : ألست القائل :
وإن من أدبته في الصبا .. كالعود يسقي الماء في غرسه
حتى تراه مورقاً ناضراً .. من بعد ما أبصرت من يبسه
والشيخ لا يترك أخلاقه .. حتى يواري في ثرى رمسه
إذا ارعوى عاد إلى جهله .. كذي الضنا عاد إلى نكسه

قال نعم يا أمير المؤمنين ، قال : وأنت تترك أخلاقك ؟ ونحن نحكم في نفسك بحكمك ، فأمر به فقتل

كانت لصالح كتب وديوان شعر لم يبق منها أي أثر سوى أبيات متناثرة في طيات الكتب يؤتى بها على سبيل الشاهد أو المثال، وفي الغالب لا يذكر اسم قائلها. ويقال إنه كان له كتاب اسمه {الشكوك}، وله كتاب فيه كلام حسن في الحكمة. وأما شعره فقد جمع منه عباس الترجمان في هذا الكتاب حوالى 400 بيت فيما بعض المصادر يردد أن له أكثر من ألفي بيت شعر. شعره هذا الذي تميز بسلاسة الألفاظ وجزالة التركيب ووضوح المعنى، لا يهتم بالتزويق اللفظي والمحسنات البديعية، كاهتمامه بدقة التعبير عن المعنى الذي يختلج في صدره، فجل مجهوده أن يعكس انطباعاته عن الحياة وما فيها بأمانة ودقة كما يهجسها هو، وقد تخبئ فيه بعض المحسنات عفواً. والذي يقرأ شعره بدقة يدرك بوضوح أنه لم يتكلف بقول الشعر، وإنما يقوله على البديهة. وقد وُصف بحكيم الشعر، وساحر اللفظ وبليغ القلم. وقد كان الطائي يشبه في البديع بصالح بن عبد القدوس في الأمثال.

القصيدة الزينبية لصالح بن عبد القدوس:
_________________________

قصيدة حكمية وزهدية ذات مضامين اخلاقية بإمتياز، قصيدة تميزت بسلاسة الأسلوب ووضوح المعاني مع المحافظة قدر الاماكن على الجزالة والفصاحة وهو أسلوب عرف به الشاعر والمتكلم صالح بن عبد القدوس، هذا الشاعر المخضرم الذي عاصر كلاً من العصرين العباسي والأموي، الشاعر المثير للجدل بين متهم إياه بالزندقة وبين مؤيد له مبرء له من هذه التهمة ورافعه الى درجة الزهاد والعرفاء ولكنه مع ذلك دفع في نهاية المطاف حياته ثمناً لأفكاره

صرمت حبالك بعد وصلك زينب
والدهر فيه تغير وتقلب
نشرت ذوائبها التي تزهو بها
سوداً ورأسك كالثغامة أشيب
وإستنفرت لما رأتك وطالما
كانت تحن الى لقاءك وترغب
وكذاك وصل الغانيات فكأنه
آل ببلقعة وبرق خلب
فَدَع الصِّبا فلقدْ عداكَ زمانُهُ
وازهَدْ فعُمرُكَ مرَّ منهُ الأطيَـبُ
ذهبَ الشبابُ فما له منْ عودةٍ
وأتَى المشيبُ فأينَ منهُ المَهربُ
دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمنِ الصِّبا
واذكُر ذنوبَكَ وابِكها يـا مُذنـبُ
واذكرْ مناقشةَ الحسابِ فإنه
لابَـدَّ يُحصي ما جنيتَ ويَكتُبُ
لم ينسَـهُ الملَكـانِ حيـنَ نسيتَـهُ
بـل أثبتـاهُ وأنـتَ لاهٍ تلعـبُ
والرُّوحُ فيكَ وديعـةٌ أودعتَهـا
ستَردُّها بالرغمِ منكَ وتُسلَـبُ
وغرورُ دنيـاكَ التي تسعى لها
دارٌ حقيقتُهـا متـاعٌ يذهـبُ
والليلُ فاعلـمْ والنهـارُ كلاهمـا
أنفاسُنـا فيهـا تُعـدُّ وتُحسـبُ
وجميعُ مـا خلَّفتَـهُ وجمعتَـهُ
حقاً يَقيناً بعـدَ موتِـكَ يُنهـبُ
تَبَّـاً لـدارٍ لا يـدومُ نعيمُهـا
ومَشيدُها عمّا قليـلٍ يَـخـربُ
فاسمعْ هُديـتَ نصيحةً أولاكَها
بَـرٌّ نَصـوحٌ للأنـامِ مُجـرِّبُ
صَحِبَ الزَّمانَ وأهلَه مُستبصراً
ورأى الأمورَ بما تؤوبُ وتَعقُبُ
لا تأمَنِ الدَّهـرَ فإنـهُ
مـا زالَ قِدْمـاً للرِّجـالِ يُـؤدِّبُ
وعواقِبُ الأيامِ في غَصَّاتِهـا
مَضَضٌ يُـذَلُّ لهُ الأعزُّ الأنْجَـبْ
فعليكَ تقوى اللهِ فالزمْهـا تفـزْ
إنّّ التَّقـيَّ هـوَ البَهـيُّ الأهيَـبُ
واعملْ بطاعتِهِ تنلْ منـهُ الرِّضـا
إن المطيـعَ لـهُ لديـهِ مُقـرَّبُ
واقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ
واليأسُ ممّا فاتَ فهوَ المَطْلـب
فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّة
فلقدْ كُسيَ ثوبَ المَذلَّةِ أشعبُ
وابـدأْ عَـدوَّكَ بالتحيّـةِ ولتَكُـنْ
منـهُ زمانَـكَ خائفـاً تتـرقَّـبُ
واحـذرهُ إن لاقيتَـهُ مُتَبَسِّمـاً
فالليثُ يبدو نابُـهُ إذْ يغْـضَـبُ
إنَّ العدوُّ وإنْ تقادَمَ عهـدُهُ
فالحقدُ باقٍ في الصُّدورِ مُغَّيبُ
وإذا الصَّديـقٌ لقيتَـهُ مُتملِّقـا
فهـوَ العـدوُّ وحـقُّـهُ يُتجـنَّـبُ
لا خيرَ في ودِّ امـريءٍ مُتملِّـقٍ
حُلـوِ اللسـانِ وقلبـهُ يتلهَّـبُ
يلقاكَ يحلفُ أنـه بـكَ واثـقٌ
وإذا تـوارَى عنكَ فهوَ العقرَبُ
يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً
ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ
وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ
فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُ
واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخراً
إنَّ القريـنَ إلى المُقارنِ يُنسبُ
واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهـمْ
بتذلُّـلٍ واسمـحْ لهـمْ إن أذنبوا
ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً
إنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحبُ
وزنِ الكلامَ إذا نطقـتَ ولا تكـنْ
ثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُ
واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ
فالمرءُ يَسلَـمُ باللسانِ ويُعطَبُ
والسِّرُّ فاكتمهُ ولا تنطُـقْ بـهِ
إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ
وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لـمْ يُطوهِ
نشرتْـهُ ألسنـةٌ تزيـدُ وتكـذِبُ
لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائدٍ
في الرِّزقِ بل يشقى الحريصُ ويتعبُ
ويظلُّ ملهوفـاً يـرومُ تحيّـلاً
والـرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ
كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ
رغَـداً ويُحـرَمُ كَيِّـسٌ ويُخيَّـبُ
وارعَ الأمانةَ، والخيانةَ فاجتنبْ
واعدِلْ ولاتظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُ
وإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ لهـا
مـن ذا رأيـتَ مسلَّماً لا يُنْكبُ
وإذا رُميتَ من الزمانِ بريبـةٍ
أو نالكَ الأمـرُ الأشقُّ الأصعبُ
فاضرعْ لربّك إنه أدنى لمنْ
يدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُ
كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ
إنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُ
واحذرْ مُصاحبةَ اللئيمِ فإنّهُ
يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ
واحذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً
واعلـمْ بـأنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُ
وإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلـدةٍ
وخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ
فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا
طولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغرِبُ
فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي
فالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ ويُوهَـبُ

الخميس، يناير 07، 2016

قول فى العلم

قول فى العلم :
5

بداية ... العالم يعرف الجاهل لانه كان جاهلا من قبل , أما الجاهل فلا يعرف العالم لانه لم يكن عالما ابدا
_________________________

♦ قال علي بن أبي طالب رضي االله عنه: "كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه ويفرح به إذا نسب إليه وكفى بالجهل ذمأ أن يتبرأ منه من هو فيه"

♦ وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل: يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو بالإنفاق، وقال علي أيضا رضي الله عنه: العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد، وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه، وقال رضي لله عنه نظماً:

ما الفخرُ إلا لأهلِ العِلْم إنَّهـــم                على الهدى لمن استهدى أدلاَّءُ

وقَدْرُ كلِّ امرىءٍ ما كان يُحْـسِنُه                   والجَاهِلُون لأهْل العلم أعَداءُ

ففُزْ بعلمٍ تَعِشْ حياً به أبــــداً                النَّاسَ موتى وأهلُ العِلْمِ أحْياءُ

♦ وقال أبو الأسود: ليس شيء أعز من العلم، الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: خُيِّر سليمان بن داود عليهما السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه.

♦ وسئل ابن المبارك: من الناس؟ فقال: العلماء قيل: فمن الملوك؟ قال: الزهاد. قيل: فمن السفلة؟ قال: الذين يأكلون الدنيا بالدين ولم يجعل غير العالم من الناس لأن الخاصية التي يتميز بها الناس عن سائر البهائم هو العلم؛ فالإنسان إنسان بما هو شريف لأجله، وليس ذلك بقوة شخصه، فإن الجمل أقوى منه، ولا بعظمه فإن الفيل أعظم منه، ولا بشجاعته فإن السبع أشجع منه، ولا بأكله فإن الثور أوسع بطنا منه، ولا ليجامع فإن أخس العصافير أقوى على السفاد منه، بل لم يخلق إلا للعلم.

♦ قال الشافعيُّ : (لَيْسَ العِلْمُ مَا حُفِظَ، إِنَّما العِلْمُ مَا نَفَعَ).

♦ قال سهل التستري: (مَا عُصِيَ اللهُ تعالى بمعصيةٍ أعظمَ مِن الجَهلِ، قيل: فهل تعرِفُ شيئاً أَشَدَّ مِن الجَهلِ؟ قال: نَعَم، الجهلُ بالجهلِ –الجهل المُرَكَّب-؛ لأنَّ الجهلَ بالجهلِ يَسُدُّ بابَ التَّعَلُّمِ بالكُليَّة، فَمَن ظَنَّ بِنَفْسِهِ العِلْمَ كيف يَتَعلَّم؟).
 
♦ قال ابن أبي الدنيا (اعْلَمْ أَنَّ الْعِلْمَ أَشْرَفُ مَا رَغَّبَ فِيهِ الرَّاغِبُ، وَأَفْضَلُ مَا طَلَبَ وَجَدَّ فِيهِ الطَّالِبُ، وَأَنْفَعُ مَا كَسَبَهُ وَاقْتَنَاهُ الْكَاسِبُ؛ لِأَنَّ شَرَفَهُ يُثْمِرُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَفَضْلَهُ يُنْمِي عَلَى طَالِبِهِ).

♦ قال العلماء: (لَوْ كُنَّا نَطْلُبُ الْعِلْمَ لِنَبْلُغَ غَايَتَهُ كُنَّا قَدْ بَدَأْنَا الْعِلْمَ بِالنَّقِيصَةِ، وَلَكِنَّا نَطْلُبُهُ لِنَنْقُصَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ وَنَزْدَادَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ العِلْمِ).

♦ قال الشَّعْبِيُّ: (الْعِلْمُ ثَلَاثَةُ أَشْبَارٍ فَمَنْ نَالَ مِنْهُ شِبْرًا شَمَخَ بِأَنْفِهِ وَظَنَّ أَنَّهُ نَالَهُ، وَمَنْ نَالَ الشِّبْرَ الثَّانِيَ صَغُرَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنَلْهُ، وَأَمَّا الشِّبْرُ الثَّالِثُ فَهَيْهَاتَ لَا يَنَالُهُ أَحَدٌ أَبَدًا).
 
♦ قال عمر رضي الله عنه: (لا تَتَعَلَّمِ العِلْمَ لثلاثٍ ولا تَتْرُكُهُ لِثَلاثٍ.. لا تَتَعَلَّمْهُ لتَتَمارَى بهِ، ولا لِتُبَاهِيَ بهِ، ولا لِتُرَائِيَ بهِ، ولا تَتْرُكْهُ حَياءً مِن طَلَبهِ، ولا زهادةً فيهِ، ولا رضاً بالجهلِ به).

♦ يقول عباس محمود العقاد: (اقرأ كتاباً جيداً ثلاثَ مراتٍ، أنفع لك مِن أن تقرأ ثلاثة كتبٍ جديدةٍ).

♦ قال حكيم: (قليلٌ مِن العلمِ مع العَمل بهِ، أنفعُ مِن كثيرٍ مِن العلمِ مع قِلّة العَمَل بهِ).
 
♦ قال إبراهيم بن أدهم : (مررت بحجرٍ بمكةَ مكتوبٍ عليه: اقلبْني تعتبرْ، فقلبتُه فإذا عليه مكتوبٌ أنت بما تعلمْ لا تَعْملُ فكيفَ تَطْلُب عِلْمَ ما لَا تَعلمُ).
 
♦ قال بعض الحكماء: (مِنَ الْعِلْمِ أَنْ لَا تَتَكَلَّمَ فِيمَا لَا تَعْلَمُ بِكَلَامِ مَنْ يَعْلَمُ فَحَسْبُك جَهْلًا مِنْ عَقْلِك أَنْ تَنْطِقَ بِمَا لَا تَفْهَمُ).

♦ قال ابن المعتز : (الكتابُ وَالِجُ الأبوابِ، جَرِيءٌ على الحجابِ، مُفْهِم لَا يَفْهَم، ونَاطِقٌ لَا يَتَكلّم، به يَشْخَصُ المشتاقُ، إذا أَقْعَدَه الفِرَاقُ، والقلمُ مُجَهِّزٌ لجيوشِ الكَلامِ، يخْدِمُ الإرادةَ، لَا يَمَلُّ الاستزادةَ، ويَسْكُتُ وَاقِفَاً، ويَنْطِقُ سَائِراً على أرضٍ بَيَاضُهَا مُظْلِم، وسَوادُهَا مُضِيء، وكَأَنَّه يُقَبِّلُ بِسَاطَ سُلْطَانٍ أو يُفَتِّحُ نُوَار – أي: أزهار- بُسْتَانٍ).

♦ قال الشاعر حافظ إِبراهيم
لا تحسبنَّ العلمَ ينفعُ وحدَه          ما لم يُتوَّج ربُّه بِخَلاقِ
والعلمُ إِن لم تكتنفهُ شَمائلٌ        تُعليهِ كان مَطِيةَ الإِخفاقِ
كَم عالمٍ مدَّ العلومَ حبائلاً            لوقيعةٍ وقطيعةٍ وفراقِ
وفقيهِ قومٍ ظل يرصُدُ فقهَهُ        لمكيدةٍ أو مُسْتَحِلِّ طلاقِ
وطبيبِ قومٍ قد أحلَّ لطبّهِ        ما لا تُحلُّ شريعةُ الخلاقِ
وأديبِ قومٍ تستحقُّ يمينهُ    قطعَ الأناملِ أو لَظى الإِحراقِ

الاثنين، يناير 04، 2016

قول فى الصحبة والفراق :

 

________________

لولا الحكماء ما عرفنا الحكمة , ولولا كتاب حامل ما نقلت الينا وهم عنا بعيد , ولولا عقل راجح ما وعيها احد , ولولا قلب ثابت ما استبصر بها احد , ولولا جنان راسخ ما عمل بها احد .

___________________

قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه :

- لا تؤاخ الفاجر , فإنه يزين لك فعله , و يحب لو أنك مثله , و يزين أسوأ خصاله , و مدخله عليك و مخرجه من عندك شين و عار .

- ولا الأحمق , فإنه يجتهد بنفسه لك ولا ينفعك , و ربما أراد ان ينفعك فيضرك , فسكوته خير من نطقه , و بعده خير من قربه , و موته خير من حياته .

- ولا الكذاب , فإنه لا ينفعك معه العيش , ينقل حديثك و ينقل الحديث إليك , حتى إنه ليحدث بالصدق فما يصدق .

قيل لأبي حازم : من أحمق الناس ؟ قال من حط في هوى رجل و هو ظالم , فباع آخرته بدنيا غيره .

قال الحكماء : العاقل من نفسه في تعب, و الناس منه في راحة, و الأحمق من نفسه في راحة و الناس منه في تعب .

قال حكيم : احذروا صولة الكريم إذا جاع , و صولة اللئيم إذا شبع .

قال أحد حكماء الفلسفة الإخوان ثلاثة : أخ كالغذاء تحتاج إليه كل وقت ، وأخ كالدواء تحتاج إليه أحياناً ، وأخ كالداء لا تحتاج اليه أبداً .

قال أحد الحكماء لابنه في موعظة: يا بني .. إذا أردت أن تصاحب رجلاً فأغضبه ..فإن أنصفك من نفسه فلا تدع صحبته ... وإلا فاحذره

قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى , ما بقى لي من نعيم الدنيا إلا ثلاث :

أخ ثقة في الله , اكتسب في صحبته خيرا , ان رآني زائغا قومني , أو مستقيما رغبني .

و رزق واسع حلال , ليست لله على فيه تبعة , ولا لمخلوق على فيه منة .

و صلاة في جماعة أكفى سهوها , و أرزق أجرها .

قال سفيان الثوري:

دخلت على جعفر الصادق، فقلت له:يا بن عم رسول الله! ما لي أراك سكنت دارك ولا تخالط الناس؟ فقال: نعم يا ابن سعيد! في العزلة دعة، وفي الدعة راحة، وما قدر لك يأتيك. يا سفيان! فسد أهل الزمان، وتغير الأصدقاء، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد.

قال سفيان الثوري: دخلت على جعفر الصادق، فقلت له:يا بن عم رسول الله! ما لي أراك سكنت دارك ولا تخالط الناس؟ فقال: نعم يا ابن سعيد! في العزلة دعة، وفي الدعة راحة، وما قدر لك يأتيك. يا سفيان! فسد أهل الزمان، وتغير الأصدقاء، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد.

2- قال الأصمعي: سألني الرشيد عن أعراب البادية، وعن أخبارها، فحدثته: أني كنت في مكان يقال له: الطخفة، وهي قرية لبني كلاب، رأيت فيها أعرابياً في عنقه طوقٌ ملتوٍ من فضة، وبيده زكرة، ومعه قدح نبع، فتتبعت أثره فجاء إلى جذم حائط، فجمع رميلة، ثم اتكأ عليها، وجعل يصب من شكوته نباذة له في قدح النبع ويشربه، ويرجز عليه، فسلمت عليه ووقفت عنده فقال: إن فيه خلالاً ثلاثاً إن سمع مني حديثاً لم ينمه علي، وإن تفلت في وجهه احتمل، وإن عربدت عليه لم يغضب، قال الأصمعي: فقال الرشيد: زهدتني في الندماء.

3- قال إبراهيم البخاري: دخلت المسجد الحرام بعد المغرب، فإذا فضيل بن عياض جالس، فجئت فجلست إليه، فقال: من هذا؟ فقلت: إبراهيم، قال: ما جاء بك؟ قلت: رأيتك وحدك، فجلست إليك، قال: تحب أن تغتاب أو تتزين أو ترائي؟ قلت: لا، قال: قم عني.

4- قال عبد العزيز بن الخطاب: رؤي إلى جانب مالك بن دينار كلب عظيم ضخم أسود رابض، فقيل له: يا أبا يحيى! ألا ترى هذا الكلب إلى جانبك؟ قال: هذا خير من جليس السوء.

أشعار

1- قال الحريريي:

مُخَالِطُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا عَلَى خَطَـرِ *** وَفِي بَلاءٍ وَصَفْوٍ شِيْبَ بِالْكَـدَرِ

كَرَاكِبِ الْبَحْرِ إِنْ تَسْلَمْ حُشَاشَتُـهُ *** فَلَيْسَ يَسْلَمُ مِنْ خَوفٍ وَمِنْ حَذَرِ

2- قال الشافعي:

إِذَا لَم أَجِدْ خِـلاًّ تَقِيًّـا فَوِحْدَتِـي *** أَلَـدُّ وَأَشْهَى مِـنْ غَوِيٍّ أُعَاشِرُهْ

وَأَجْلِـسُ وَحْـدِي لِلْعِبَـادَةِ آمِنًا *** أَقَرُّ لِعَيْنِـي مِـنْ جَلِيـسٍ أُحَاذِرُهْ

3- قال الحميدي:

لِقَاءُ النَّاسِ لَيْـسَ يُفِيـدُ شَيْـئـا *** سِـوَى الْهَذَيَـانِ مِنْ قِيلٍ وَقَالِ

فَأَقْلِـلْ مِـنْ لِقَـاءِ الـنَّـاسِ إِلاَّ *** لأَخْذِ العِلْـمِ أَوْ إِصْـلاحِ حَالِ

4- رحم الله من قال:

وَلَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ لا عَهْدَ عِنْدَهُـمْ *** صَدَفْتُ – وَبيتِ اللهِ- عَنْ صُحْبَةِ النَّاسِ

وَصِرْتُ جَلِيسَ الْكُتْبِ مَا عِشْتُ فِيهُمُ *** وَأَعْمَلْتُ حُسْنَ الصَّبْرِ عَنْهُمْ مَعَ اليَاسِ

رَأَيْتُ لَهُمْ كاسًا مِنَ الغَـدْرِ بَيْنَهُمْ *** تُدَارُ وَمَا بِالْقَومِ صَبْرٌ عَنِ الكَـاسِ

5- قال الشافعي:

لَيْتَ السِّبَـاعَ لَنَا كَانَتْ مُجَـاوِرَةً *** وَلَيْتَنَا لا نَـرَى مِمَّا نَـرَى أَحَدَا

إِنَّ السِّبَـاعَ لَتَهْـدا فِي مَرَابِضِهَـا *** وَالنَّاسُ لَيْسَ بِهَـادٍ شَرُّهُـمْ أَبَدَا

فَاهْرُبْ بِنَفْسِكَ واسْتَأْنِسْ بِوَحْدَتِهَا *** تَعِشْ سَلِيمًا إِذَا مَـا كُنْتَ مُنْفَرِدَا

6- قال أحمد بن النقيب البغدادي

: قَـدْ بَلَـوتُ الـنَّـاسَ حَـتَّـى *** لَمْ أَجِـدْ شَخْـصًـا أَ

مِيـنًـا وَانْتَـهَـتْ حَـالِــي إِلَـى أَنْ *** صِـرْتُ للـبَـيْـتِ خَدِيـنَـا

أَمْـدَحُ الْـوَحْــدَةَ حِـيـنَـا *** وَأَذُمُّ الْـجَـمْـعَ حِـيْـنَــا

إِنَّمَـا الـسَّـالِمُ مَــنْ لَــمْ *** يَتَّخِـذْ خَـلْـقًـا قَـرِيـنَـا

7- قال محمد بن حجر السعدي:

زمانك ذا زمان دخول بيت *** وحفظ لسان وخفض صوت

قد مرجت عهود الناس إلا *** أقلَّـهم فبـادر قبل الفـوت

فما يبقى على الناس شيء *** وما خـلق امرؤ إلا لـموت

8- قال أبو الحسن محمد بن العباس النحوي:

آنست نفسي بنفسي *** فهي في الوحدة أنسي

وإذا آنسـت غيري *** فأحـق الناس نفسـي

فسد الناس فأضحى *** جنسهم من شر جنس

فلزمت البيـت إلا *** عند تَأْدِيْتِيْ لخمسـي