ما يزيد عن عشرين عاماً مضت وهذه القصاصة بين اوراقى المخزنة فى قرار مكتبتى اثناء بحثى عن بعض الكتب عثرت على فأهاجت ذكريات ذات شجون .
رسالة مما يعرف بادب الرسائل كتبتها الدكتورة عائشة عبد الرحمن " بنت الشاطئ " الى صديقتها شاعرة العراق نازك الملائكة " قرارة الموجة " ردا على قصيدتها التى ارسلتها لها والمسماة "العام الجديد" وكان ردها بقصيدة كانت قد كتبتها قبلا في مناجاة لروح زوجها أمين الخولي ونشرتها على صحيفة الاهرام حينها .
حينها عندما قراتها علقت بنفسى واثرت فيها بشدة وكان ديدنى دائما ان احتفظ بمثل هذه القصاصات بعد ان اقوم بلصقها على صفحة بيضاء حفاظا عليها واحتفاظا بها ثم نسيت انى فعلت من تعاقب الايام والليالى .
لم تغادر خاطرى ابدا هذه الرسالة وكنت قد بحثت عنها كثيرا على صفحات الفضاء الالكترونى ولم اجدها بهذه الصيغة ابدا.
وها انا اقوم بتوثيقها الان
_________________________________________
منها إلى , معاً حيث تكون أو حيث أكون , فى بؤس الاغتراب وبؤس التغريب , تجف مآقينا ونستجدى الدموع فنختنق بها , وأذكرها فيلين قلبى , وأبكى لى ولها , فى متاهات الأغتراب ومنافى التغريب .
منه إلىّ معاً وإن لم تدر ما صنعت بنا الأيام والليالى , وأتوه فى الزحام وأهرب من هواجس السهد , فأبكى لى ولها .
_________________________________________
يا عام لا تقرب مساكننا فنحن هنا طيوف
من عالم الأشباح, يُنكرُنا البشر
ويفر منّا الليل والماضي ويجهلنا القدر
ونعيش أشباحًا تطوف
نحن الذين نسير لا ذكرى لنا
لا حلم, لا أشواقُ تُشرق, لا مُنى
آفاق أعيننا رمادْ
تلك البحيرات الرواكدُ في الوجوه الصامتهْ
ولنا الجباه الساكتهْ
لا نبضَ فيها لا اتّقادْ
نحن العراة من الشعور, ذوو الشفاه الباهتهْ
الهاربون من الزمان إلى العدمْ
الجاهلون أسى الندمْ
نحن الذين نعيش في ترف القصورْ
ونَظَلُّ ينقصنا الشعور.
لا ذكرياتْ,
نحيا ولا تدري الحياةْ,
نحيا ولا نشكو, ونجهلُ ما البكاءْ
ما الموت, ما الميلاد, ما معنى السماء
*****
يا عامُ سرْ, هو ذا الطريقْ
يلوي خطاكَ, سدًى نؤمل أن تُفيقْ
نحن الذين لهم عروق من قصبْ
بيضاءُ أو خضراء نحن بلا شعورْ.
الحزن نجهله ونجهل ما الغضب
ما قولُهم إنّ الضمائر قد تثور
ونود لو متنا فترفضنا القبور
ونود لو عرف الزمانْ
يومًا إلينا دربه كالآخرين
لو أننا كنا نؤرخ بالسنين,
لو أننا كنا نقيَّد بالمكانْ
لو أن أبواب القصور الشاهقات
كانت تجيءُ قلوبَنا بسوى الهواء,
لو أننا كنا نسير مع الحياةْ
نمشي, نحس, نرى, ننام
وينالنا ثلج الشتاءْ
ويلفُّ جبْهَتَنا الظلام
أواه لو كنا نحسّ كما يحس الآخرونْ
وتنالنا الأسقام أحيانًا وينهشنا الألم
لو أنَّ ذكرَى أو رجاء أو ندم
يومًا تسدُّ على بلادتنا السبيلْ
لو أننا نخشى الجنونْ
ويثيرُ وحشَتنا السكون
لو أن راحتنا يعكّرها رحيل
أو صدمة أو حزن حب مستحيل.
أواه لو كنا نموت كما يموت الآخرونْ
----------------------------------------- نازك الملائكة ( قرارة الموجة )
_______________________________________
ومنى إليها , معا حيث تكون أو حيث أكون , على نأى الديار وبعد المزار , نتجلد لما بنا , فيلتبس التجلد بالتبلد , ونجتر شجونا وأسانا , وبنا فزع من بلادة الحس وصدأ الضمير , ونكتم مواجعنا , وبنا رعب من صم المواساة وعقوق الأهل والأصحاب , فى زمان كئيب بليد .
منى إليها , لعلها تذكر ايامنا الخوالى , على ضفاف دجلة وربوع بغداد الغاليات , على شط النيل وعند ملتقاه بالبحر فى رأس البر, تجتلى ر}انا فى مسامر ليالينا الساهرات , على ايقاع الموج ومواويل السمار.
منى اليها معا حيث نكون , لعلها تاسى لماض لن يعود , ويشجيها هيام الأطياف بين أطلال عالمى المنهار , فتبكى لى ولها .....
_____________________________________________
لا تَخلْ أنَّا على بُعد المزارْ
قد سلونا أو نَسينا عهْدنا
أو غَفونا بين ليل أو نَهار
نُنشِد الصبر ونأسو جُرْحَنا
أو تَعِبنا من سُهَاد وعَذابْ
فالتَمسْنا مهرنا من بؤسنا
أو مَللنا من ضَياع أو سَراب
فابتغينا راحةً في يأسِنا
♦♦♦♦
لا تَخلْ أنَّا على مَرِّ الزمان
قد عَرانا الضيقُ من أطلالِنا
أو عيينا ببقايا من دِمَن
لا تَنِي تبكي على ماضٍ لنا
سائلات في وجومٍ وشجن
أين مَغنانا الذي كان هنا؟
♦♦♦♦
ما دَرتْ تلك البقايا أنها
رجَّعت فينا صدى أشجانِنا
هل درت أنَّا حُطام بينها؟
لا ترى فيه سوى أشلائنا
♦♦♦♦
قد يرانا يومنا كالناس إن مشى
ما علينا من خُطانا؛
أو يرانا ليلنا كالناس نأوي
وأَسانا قد طوانا
ربما نلعَقُ من جوعٍ طعامًا
والشجى سدٌّ لَهانا
ربما نَجرع في القَيظ شرابًا
والجوى يكوي حَشانا
ربما نأخذ في لغوِ حديثٍ
ما نراه قد عَنانا،
ربما نَلبَس للناس قِناعًا
ساترًا عنهم أَسانا
ربما جثتْ بنا أشواقنا
فكتَمْنا ما بنا عمن سِوانا
ربما استنْفَد دمعًا شجْونا
فانكفأنا نَصطلي جمرًا كَوانا
♦♦♦♦
غير أنَّا ما سلونا ما نسينا
وإلى طيفك تَحدونا خُطانا ورؤانا
---------------------------------------------- بنت الشاطـــــــئ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق