"إن ما تصلح به الدنيا، حتى تصير أحوالها منتظمة، وأمورها ملتئمة، ستة أشياء، فى قواعدها وان تفرعت، وهي: دين متّبع، وسلطان قاهر، وعدل شامل، وأمن عام، وخصب دائم، وأمل فسيح"
"إن صلاح الدنيا معتبر من وجهين:
أولهما: ما ينتظم به أمور جملتها، والثاني: ما يصلح به حال كل واحد من أهلها، فهما شيئان لا صلاح لأحدهما إلا بصاحبه، لأن من صلحت حاله مع فساد الدنيا واختلال أمورها، لن يعدم أن يتعدى إليه فسادها، ويقدح فيه اختلالها، لأنه منها يستمد، ولها يستعد، ومن فسدت حاله مع صلاح الدنيا، وانتظام أمورها، لم يجد لصلاحها لذة، ولا لاستقامتها أثرا
- دين متبع:
__________
لأنه يصرف النفوس عن شهواتها، ويعطف القلوب عن إرادتها، حتى يصير قاهرا للسرائر، زاجرا للضمائر، رقيبا على النفوس فى خلواتها، نصوحا لها فى ملماتها.
- السلطان القاهر:
_____________
الذى تتألف برهبته الأهواء المختلفة، وتجتمع بهيبته القلوب المتفرقة، وتنكف بسطوته الأيدى المتغالبة، وتنقمع من خوفه النفوس المتعادية
أما وظائف السلطان كما يوضحها الماوردى فى كتابه هذا "أدب الدنيا والدين" فهى سبعة وظائف، كما يلي:
1 حفظ الدين من تبديل فيه، والحث على العمل به، من غير إهمال له.
2 حراسة البيضة، والذب عن الأمة، من عدو فى الدين، أو باغى نفس أو مال.
3 عمارة البلدان باعتماد مصالحها، وتهذيب سبلها ومسالكها.
4 تقدير ما يتولاه من الأموال بسنن الدين، من غير تحريف فى أخذها وإعطائها.
5 معاناة المظالم والأحكام، بالتسوية بين أهلها، واعتماد النصفة فى فصلها.
6 إقامة الحدود على مستحقها، من غير تجاوز فيها، ولا تقصير عنها.
7 اختيار خلفائه فى الأمور على أن يكونوا من أهل الكفاية فيها، والأمانة عليها .
- العدل الشامل:
____________
الذى يدعو إلى الألفة، ويبعث على الطاعة، وتعمر به البلاد، وتنمو به الأموال، ويكثر معه النسل، ويأمن به السلطان
ينقسم حال الإنسان مع غيره إلى ثلاثة أقسام:
الأول: عدل الإنسان فيمن دونه،
فعدله فيهم يكون بأربعة أشياء : بإتباع الميسور، وحذف المعسور، وترك التسلط
بالقوة، وابتغاء الحق فى السيرة
الثاني: عدل الإنسان مع من فوقه:
يكون بثلاثة أشياء: بإخلاص الطاعة، وبذل النصرة، وصدق الولاء، فان إخلاص الطاعة
أجمع للشمل، وبذل النصرة أدفع للوهن، وصدق الولاء أنفى لسوء الظن
الثالث: عدل الإنسان مع أكفائه:
يكون بثلاثة أشياء، بترك الاستطالة، ومجانبة الادلال، وكف الأذى، لأن ترك
الاستطالة آلف، ومجانبة الادلال أعطف، وكف الأذى أنصف
أمن عام:
__________
تطمئن إليه النفوس، وتنتشر فيه الهمم، ويسكن فيه البريء، ويأنس به الضعيف
فليس لخائف راحة ولا لحاذر طمأنينة
الخصب الدائم :
_______________
تتسع به النفوس فى الأحوال، ويشترك فيه ذوو الإكثار والإقلال، فيقل فى الناس الحسد، وينتفى عنهم تباغض العدم، وتتسع النفوس فى التوسع، وتكثر المؤاساة والتواصل
وإذا كان الخصب لم يُحدث من أسباب الصلاح ما وصفتُ، كان الجدب يحدث من أسباب الفساد ما ضادّها،
وكما أن صلاح الخصب عامّ، فكذلك فساد الجدب عام، وما عمّ به الصلاح إن وُجد، عم به الفساد إن فُقد، فأحرى أن يكون من قواعد الصّلاح، ودواعى الاستقامة
- امل فسيح :
_________________
يبعث على اقتناء ما يقصر العصر عن استيطابه. ويبعث على اقتناء ما ليس يؤمل في دركه بحياة أربابه.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: $"الأمل رحمة من الله لأمتي ولولاه ما غرس غارس شجرا ولا أرضعت أم ولدا"
والفرق بين الآمال والأماني:
الآمال ما تقيدت بأسباب والأماني ما تجردت عنها.
أي أن الأمل يتعلق بتحصيل شيء يمكن حصوله. أما الأمنية فهي رجاء وتمني
لشيء من الصعب أو المحال تحقيقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق